الكسوف الحلقي للشمس ظاهرة فلكية نادرة شهدتها سماء المملكة

شهدت سماء المملكة العربية السعودية أمس حدوث ظاهرة فلكية نادرة للكسوف الحلقي للشمس، التي تم رصدها عبر عدد من التلسكوبات المتطورة بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

وأوضحت بيانات المركز الوطني للفلك في المدينة، أن الشمس أشرقت مكسوفة جزئياً على معظم مناطق المملكة، وكان مركز الكسوف الحلقي بمحافظة الأحساء، وبلغت نسبته 91.63 %.

واستمر الكسوف الحلقي للشمس بمحافظة الأحساء نحو ساعة و23 دقيقة، وكانت بداية شروق الشمس عند الساعة 6:25 صباحاً، وبدء الكسوف الحلقي للشمس عند الساعة 6:34 صباحاً، وبلغت ذروة الكسوف الحلقي ثلاث دقائق تقريباً، وانتهى كسوف الشمس عند الساعة 7:48 صباحاً.

شاهد خمسة آلاف شخص تجمعوا بجوار جبل الأربع في مدينة الهفوف بمحافظة الأحساء فجر أمس الخميس 26 ديسمبر الكسوف الحلقي النادر.

"الرياض" التي عاشت الحدث من جوار جبل الأربع في مدينة الهفوف بمحافظة الأحساء، رصدت عدستها جوانب من الحدث والحضور الإعلامي الكثيف لتغطية الحدث.

لحظات إيمانية

رغم أن الكسوف الحلقي لم يستغرق سوى ثلاث دقائق إلا أن من عاشها في الموقع الأدق في العالم وهو بجوار جبل الأربع في محافظة الأحساء كانت كفيلة بأن يعيش معها لحظات إيمانية وروحانية يدرك معها عظمة خلق الله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون ومدبّره بدقة متناهية، كما أنه ورغم ما وهبه الله سبحانه وتعالى من العلم والمعرفة، إلا أنه يزداد يقيناً بأن لم يؤت من العلم إلا قليلاً.

ووصف الباحث الفلكي ملهم الهندي من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة لحظات إشراقة الشمس في سماء الأحساء فجر أمس الخميس وهي في حالة كسوف حلقي بأنها لحظات إيمانية عاش معها جميع الحاضرين أجمل اللحظات في حياتهم، مشيراً إلى أنهم في جامعة الملك عبدالعزيز قاموا برصد تلك اللحظات عبر المتابعة بالتلسكوبات والبث المباشر.

وخلال حدوث ظاهرة الكسوف الحلقي أدى الحضور الصلاة من الموقع، وسط تنظيم ووجود أمني من قبل الجهات الأمنية، وفرق هيئة الهلال الأحمر، وتنظيم رائع من بقية الجهات الحكومية كالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني التي أعدت بشراكة مجموعة من الجهات مخيمات خاصة للضيوف والمهتمين، وكذلك جامعة الملك فيصل وأمانة الأحساء، فيما وزعت النظرات الخاصة بمشاهدة الكسوف من قبل الجهات المنظمة.

بعد 15 يوماً خسوف كاذب!

الدكتور زكي المصطفى أستاذ في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وصف في حديث لـ"الرياض" الظاهرة بأنه من الحوادث النادرة وأنه الكسوف الحلقي الذي يشاهده رغم كونه مختصاً في الفلك، وعبر عن إعجاب بحجم الحضور مقدراً عدد الحضور بنحو 5 آلاف شخص، وأضاف بأن الكسوف الحلقي لم يستغرق سوى ثلاث دقائق فقط إلا أنها كانت مهمة لدراسة تغيرات الشمس إضافة لسطح القمر، وأشار إلى أن الكسوف الحلقي حصل حيث كان القمر في أبعد نقطة عن الأرض، ولفت الدكتور زكي إلى أن كل كسوف يتبعه خسوف والعكس صحيح، مبيناً أنه وبعد 15 يوماً سوف يحصل خسوف للقمر، مستدركاً بأنه سيكون خسوف شبه ظل "كاذب" لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، وعزا المصطفى حجم الحضور إلى أن المجتمع متعطش لعلم الفلك، وتمنى من الجامعات السعودية نشر علم الفلك.

انتظرنا 20 عاماً

الدكتور أنور آل محمد رئيس جمعية الفلك في القطيف، وصف الظاهرة بأنها مميزة على مستوى وطننا المملكة العربية السعودية وإن كانت متكررة في العالم إلا أن بداية الكسوف الحلقي بدأ من مدينة الهفوف في المملكة وهو ما أعطاها ميزة خاصة، وبين أن الأرض خلال الكسوف الحلقي كانت في منطقة الحضيض بالنسبة للشمس، ويستفاد منها علمياً للتعرف على سطح القمر وتضاريسه، إضافة إلى البعد السياحي والاجتماعي من خلال التجمع الذي حصل في الأحساء، وكشف عن أنه كان يدرس طلابه قبل 20 عاماً عن حصول خسوف حلقي سيحدث في 26 ديسمبر 2019، وهو ما تم بفضل الله، وتمت مشاهدته مع بعض الطلاب.

إجراء القياسات

الدكتور علي بن محمد الشكري المسؤول عن مركز الرصد الفلكي في مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية "سايتك" وصف في حديث لـ"الرياض" بأنها من الظواهر الغريبة التي لا تحصل في مكان واحد لعقود، وهذا الكسوف الحلقي لا يرى إلا في مواقع محدودة، وأشاد بالتجهيزات التي وفرتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وجهود أمانة الأحساء والجهات الأمنية المشتركة، ولفت إلى أنه وخلال حدوث ظاهرة الكسوف الحلقي مكنهم كعلماء من التدرب على القيام بالقياسات، كقياس قُطر القمر، مشيراً إلى أنه خلال الكسوف الحلقي يظهر أن قطر القمر أقل من القطر الظاهر؛ وذلك لكون القمر أبعد ما يكون عن الأرض، فيظهر حجم القمر أقل من المعتاد، فلا يستطيع تغطية كامل قرص الشمس، فيما يكون الكسوف الكلي في أن القمر يكون قريباً من الأرض فيغطي كامل قرص الشمس، وأشار إلى أن العام القادم 2020 سيحدث كسوف حلقي سيرى في سلطنة عمان واليمن لكنه سيظهر عندنا في المملكة جزئياً.

من جانبه، قال الدكتور عبدالعزيز التركي عميد شؤون الطلاب في جامعة الملك فيصل لـ"الرياض": إن عدد الذي سجلوا في موقع الجامعة لحضور الظاهرة فاق الـ3 آلاف شخص المخصص، وتم التنسيق مع عدد من الجهات الحكومية كالمحافظة والشرطة، معرباً عن سعادة الجامعة لحجم الإقبال لزيادة الشراكة بين الجامعة والمجتمع.